تعرف على “صاروخ ساجر” ودوره البارز بانتصار مصر في حرب أكتوبر
دمر أكثر من 800 دبابة
لعبت الأسلحة التي استخدمها الجنود المصريون خلال حرب أكتوبر دورًا بارزًا في تحقيق الانتصار، حيث شملت مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدروع، وكان من بينها “الصاروخ ساجر”.
على الرغم من عدم ايلاء القادة العسكريين أهمية كبيرة للصواريخ المضادة للدروع قبل حرب أكتوبر، وكذلك عدم تقدير القادة الإسرائيليين لهذا النوع من الأسلحة، حيث كانت المعتقدات أن الدبابات يجب مواجهتها بدبابة.
ولكن ما حدث في حرب أكتوبر كان عكس ذلك تمامًا. حيث كانت الدبابات الإسرائيلية تتجنب مواجهة جنود المشاة المصريين بغض النظر عن تسليحهم.
وخلال حرب أكتوبر، أصدر القادة الإسرائيليون توجيهات لأطقم الدبابات بضرورة الابتعاد عن أطقم صواريخ ساجر المصرية المسلحة بالصواريخ العابرة للدروع بمسافة آمنة.
وفي تلك الأثناء، ذكرت وسائل الإعلام الغربية أن “صواريخ ساجر المصرية تستهدف الدبابات الإسرائيلية في منطقة القناة بشكل متكرر”.
الصاروخ الموجهة مضادة للدروع
الصاروخ الموجه مضاد للدروع، المعروف أيضًا بالاختصار ATGM، هو نوع من الصواريخ الموجهة تم تصميمه بشكل رئيسي لهدم وتدمير المركبات المصفحة، خاصة الدبابات، على مسافات تصل إلى 8 كيلومترات.
وتتميز هذه الصواريخ بقدرتها على اختراق دروع سميكة تتراوح سماكتها بين 500 و1000 ملم.
وأول صاروخ موجه مضاد للدروع تم تطويره كان الصاروخ السوفيتي المعروف بـ “ماليوتكا” (بالروسية: Малютка)، ودخل الخدمة في الجيش السوفيتي في عام 1961.
وبعد ذلك، ظهرت أنواع أحدث من هذه الصواريخ الموجهة المضادة للدروع التي كانت تشكل تحديًا كبيرًا للدبابات.
وتتنوع هذه الصواريخ حسب مداها، حيث توجد صواريخ بعيدة المدى تزيد عن 2000 متر، وصواريخ متوسطة المدى تتراوح بين 1000 و2000 متر، وصواريخ قريبة المدى تقل عن 1000 متر.
وكان صاروخ ساجر ينتمي لصواريخ الجيل الأولى، وهي ذات التوجيه سلكي تتطلب من الرامي التحكم اليدوي في توجيهها باستخدام عصا التوجيه حتى تصل إلى الهدف.
ويجب أيضًا على رامي صاروخ ساجر مراقبة الهدف والصاروخ الموجه في آن واحد من خلال منظاره.
وهذا العمل يتطلب دقة عالية، وأدنى خطأ في التوجيه يمكن أن يؤدي إلى انحراف صاروخ ساجر عن هدفه.
ماهو الصاروخ ساجر؟
“الصاروخ ساجر” هو صاروخ موجه مضاد للدروع يتبع فئة الصواريخ من الجيل الأول ويعتمد على مبدأ السيطرة والمتابعة البصرية.
ويُعرف هذا الصاروخ أيضًا باسم “المالتوكا” ويتميز بسرعته البطيئة، ودقة الإصابة به تعتمد على مهارة الرامي الذي يتحكم فيه عبر سلك.
وكان الجندي المصري مجبرًا على خوض تدريبات شاقة على صاروخ ساجر، حيث كان يُطلق بين 20 و 25 صاروخًا يوميًا بهدف اتقان استخدامه، وهذه الاستعدادات المكثفة قادته إلى تحقيق أداء ممتاز في حرب أكتوبر.
وبدأت جهود تطوير صاروخ ساجر في يوليو 1960 في مكتب التصميم الهندسي “كولومنا”، واعتمدت على نماذج غربية للصواريخ الموجهة المضادة للدروع،
ومثل الصاروخ الفرنسي Entac والصاروخ الألماني Cobra. تمت اكتمال الاختبارات الأولية في 20 ديسمبر 1962، وتم نشر الصاروخ في الخدمة في 16 سبتمبر 1963.
ويزن صاروخ ساجر 12 كيلوجرامًا، وهو موجود داخل حقيبة مخصصة تُستخدم أيضًا كمنصة إطلاق.
ويتألف صاروخ ساجر من جزئين رئيسيين، وهما رأس حربي يحتوي على شحنة جوفاء وصمامة كهربائية، حيث يصل وزنهما الإجمالي إلى 3 كيلوجرامات.
وأما الجزء الثاني، فهو مخصص لجسم المحرك الصاروخي وذيله الذي يحمل أربع زعانف وبكرة سلكية.
ويتطلب صاروخ ساجر بعض الوقت لإعادة توجيه نفسه نحو الهدف، وتمتد هذه الفترة على مسافة تتراوح بين 500 و800 متر.
وقبل أن يصل صاروخ ساجر إلى هذه المسافة، يكون عملياً غير قادر على مهاجمة الهدف.
ولسد هذه الفجوة، يستخدم الجيش المصري صواريخ “الآر بي جي 7” لضرب الأهداف القريبة التي تقع ضمن هذه المدى، بينما يعتمد على صاروخ ساجر لاستهداف الأهداف التي تكون في نطاق يتراوح بين 800 متر و4000 متر.
وأظهرت الاختبارات أن المشغل يحتاج إلى حوالي 2300 عملية إطلاق نار في المحاكاة ليصبح ماهرًا في عملية التوجيه وضرب الأهداف بدقة.
مشاركة “ساجر” في حرب أكتوبر
وأشارت مصادر روسية إلى تدمير حوالي 800 دبابة إسرائيلية باستخدام نظام “صاروخ ساجر” من بين إجمالي 1100 دبابة تم تدميرها خلال فترة الحرب.
وأدى هذا النجاح الباهر إلى تطوير صواريخ مضادة للدروع على نطاق عالمي بشكل واسع. من بين أحدث هذه الصواريخ هي صواريخ “كورنت” الروسية، التي تم تضمينها في الصفقة الروسية الأخيرة،
بالإضافة إلى صواريخ “ميلان” الفرنسية، وصواريخ “سبايك” الإسرائيلية، وصواريخ “جافلين” الأمريكية.
ويُعرف صاروخ “جافلين” بتقنية “اضرب وانسى”، حيث لا يلزم الرامي مهارات كبيرة، بل يكفي أن يستهدف الهدف ويطلق الصاروخ، وبعد ذلك يتولى الصاروخ نفسه توجيه نفسه نحو الهدف وضربه بنجاح.