كيف يعمل “غطاء ناكيدكا” الروسي على تمويه المركبات العسكرية؟
“غطاء ناكيدكا للتمويه”، المعروف أيضًا بـ”إس تي إس”، هو منظومة تمويه تم تطويرها لحماية الدبابات والمدرعات وتحقيق إخفائها من أجهزة الرادار، وتم إنتاج هذا النظام بواسطة إحدى شركات مجموعة كلاشنكوف الروسية باستخدام مادة تسمى “آر إيه إم” الممتصة للإشعاع.
وتم الإعلان عن بدء توريد غطاء ناكيدكا للتمويه للشركات في يونيو/حزيران 2023.
كيف يعمل غطاء ناكيدكا للتمويه؟
تتمثل مهمة غطاء ناكيدكا للتمويه في تعزيز إمكانيات الدبابات وسائر مركبات القتال من خلال تحسين قدرتها على الاختباء في مجموعة متنوعة من الأطوال الموجية، وتطبيقها هذه الخاصية في سياقات القتال المتنوعة.
وتعمل كواقي أو “غطاء” يُنصب على مركبات القتال، على غرار غطاء الهاتف، بهدف تقليل فرص اكتشافها عبر أجهزة الرادار الاستطلاعية.
ودرجة حرارة السطح الخارجي لهذه الدبابة تتماشى مع درجة حرارة الهواء المحيط المحيطة بها.
وباستخدام غطاء ناكيدكا للتمويه، يمكن تقليل احتمال اكتشاف الدبابة، وهو أمر يجعل من الصعب كشفها بواسطة الرؤوس الصاروخية التي تعتمد على الأشعة تحت الحمراء، حيث تصبح فرصة اكتشافها أقل بمرتين إلى ثلاث مرات.
وغطاء ناكيدكا للتمويه يلعب دورًا هامًا في تقليل الاكتشاف البصري للمركبات العسكرية عبر مختلف نطاقات الرادار.
ويتم ضم الشكل الظلي للمركبة بسلاسة في البيئة المحيطة بها، مما يجعلها أقل ملحوظة لأنظمة الاستشعار الحرارية والراديوية.
وعند مراقبة المركبات المغطاة بنظام بناكيدكا، دون الاعتماد على أنظمة التصوير الحراري أو أنظمة الرادار، يكاد مظهرها البصري يظل ثابتًا.
التصنيع
تم عرض غطاء ناكيدكا للتمويه لأول مرة في معرض أسلحة الأورال الروسية عام 2000، وتم أيضًا عرضها في معرض الأسلحة الروسي ومعرض الدفاع الدولي للقوات البرية عام 2006.
وهي عبارة عن مادة صناعية خاصة تم تطويرها للتمويه وحماية من الحرارة.
وأعلن معهد أبحاث الصلب “جيه سي إس” من خلال الموقع الإلكتروني لمجموعة كلاشنكوف كونسيرن الروسية في 26 يونيو/حزيران 2023، عن بدء شركة “نيي ستالي” في توفير غطاء ناكيدكا للتمويه للشركات الهندسية.
وخلال عملية عسكرية خاصة في شهر أغسطس/آب من عام 2022، تم رصد دبابة من طراز “تي-90 إم”، المعروفة بـ”بروريف-3″، والتي كانت مجهزة بمنظومة للتمويه وتصعيب الرصد، وكان غطاء ناكيدكا للتمويه من بين الميزات المتوفرة فيها.
ومهمة تطوير رأس “ناكيدكا كيب كوموفلاج” تمت في التسعينيات بواسطة مركز الأبحاث التابع لشركة “نيي ستالي”، وتم عرضه في عدة معارض بعد انتهاء عملية التصنيع.
وتم تقديم غطاء ناكيدكا للتمويه كجزء من مجموعة من “مواد التمويه” واستخدمت على مركبات روسية متعددة للقتال في ذلك الوقت.
وتميزت قدرة غطاء ناكيدكا للتمويه بشكل واضح في القدرة على تعقب جميع الدبابات والوحدات المدفعية الروسية،
بالإضافة إلى المركبات المدرعة للجنود وناقلات الجنود وغيرها من المعدات العسكرية، مما أثبت صعوبة مهمتها في الرصد بشكل فعال.
وانطلق فريق التطوير على الفور في التعريف بـ “ناكيدكا” على الساحة الدولية، لكن يُشار إلى أن الجيش الروسي لم يظهر الكثير من الاهتمام تحديدًا بها، واستغرق وقتًا طويلًا قبل أن يبدأ في استخدامها.
وفي عام 2005، تقدمت أرمينيا بأول طلب للحصول على غطاء ناكيدكا للتمويه.
ووصلت تكلفة غطاء ناكيدكا للتمويه إلى حوالي 2675 دولار لكل نظام في عام 2005، ويساهم استخدام هذا النظام في توفير حلاً فعّالًا وميسور التكلفة لحماية المركبات العسكرية، مما يضمن سلامة فرقها.
مميزات غطاء ناكيدكا للتمويه
تتألف غطاء ناكيدكا من مادة تُسمى “آر إيه إم” الممتصة للإشعاع. ويُعرف هذا النوع من المواد بناكيدكا، ولهذا السبب تم اختياره لتكون جزءًا من تكوين الغطاء بأكمله.
ويبلغ وزن المادة حوالي كيلوغرامين لكل متر مربع، وبمجرد تركيبها على المركبة، يصبح لديها عمر صلاحية طويل، دون الحاجة إلى أية أعمال صيانة.
وتمتاز المادة المستخدمة بكونها ذات هيكل متعدد الطبقات بسماكة تتراوح بين 8 و10 مليمترات، وتحتوي على مواد عازلة حراريًا صُنعت بعناية.
ونسيجها الكثيف مصنوع من مادة خاصة تهدف إلى التصدي لأربعة أنواع مختلفة من الإشعاعات والكشفات، وهي الانبعاثات الحرارية والأشعة الحرارية الراديوية وانعكاس الرادار والاكتشاف بواسطة الأشعة تحت الحمراء.
ويتم تقليل تأثير هذه الإشعاعات بشكل فعّال مما يجعلها قادرة على تحقيق الغطاء والحماية للدبابة أثناء الليل دون أي تأثير على إمكانية إطلاق النار منها.
ولكن ليس هذا فقط، بل تمنع أيضاً إمكانية استهدافها أثناء النهار بفضل هذه التقنية المتقدمة.
وتلتقط الطبقات الداخلية للذاكرة العشوائية إشعاعًا ضمن نطاقات طيفية معينة، في حين تُوفر الطبقة الخارجية للذاكرة العشوائية حماية في جميع الجوانب.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تلوينها باستخدام مينا خاصة وزيادة تواجد عناصر التمويه المتنوعة فيها، وهذا يسهم في تحقيق توافق درجة حرارة السطح الخارجي للمركبة مع درجة حرارة الهواء المحيط.
ويقوم غطاء ناكيدكا للتمويه بتقليص المسافة القصوى التي يمكن للرادار الأميركي المحمول جوا “إي-8 جوينت ستارز” التفريق بها بين المركبات المجنزرة وذات العجلات بناء على خصائص دوبلر الثانوية، من 180 كيلومترا إلى 30\40 كيلومترا.
ونظام الصاروخ المضاد للدبابات “إيه تي جي إم” كان أول نظام أمريكي يتأثر بشكل ملحوظ بتقنية التمويه الحراري، والمعروف بـ “جافلن توب أتاك”.
وتم تقليل الإشعاع الحراري (الحرارة المنبعثة من الأسلحة) للدبابات المغلفة بغطاء ناكيدكا للتمويه، والتي يتم استخدامها في عمليات المراقبة والاستهداف على متن مركبة “جافلن”، بمقدار يصل إلى 6 درجات أو أكثر.
ومن بين النتائج التي تم الوصول إليها من خلال التحليل، نجد أن العثور على دبابة مموهة بشكل مثل هذا يعتبر مهمة صعبة جدًا، وبالتالي يصعب استهدافها باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
ويعود ذلك إلى عدم قدرتها على تأكيد موقع الهدف بوضوح، مما يتسبب في عدم تنفيذ أي عمليات إطلاق نار أو قصف.
ومن بين مزايا نظام “إس تي إس” أو ناكيدكا، يأتي توفير تغطية شبه كاملة للهياكل والأبراج على مركبات مثل “تي-72 بي” و”تي-72 بي 3″ و”تي-80″ دون أن يعيق استخدام الأسلحة.
وتمنع المادة المستخدمة في المركبة رادارات العدو من اكتشاف الحرارة المنبعثة أثناء تشغيلها.
بالإضافة إلى ذلك، تخفض هذه المادة الطبقة الممتصة للحرارة، مما يقلل من إشارات أجهزة كشف العدو.
ولا يمكن نسيان سهولة استخدام ناكيدكا وقدرتها على حماية الأسلحة الصغيرة.
ناكيدكا في الحروب
تم اختبار هذه التكنولوجيا على أرض الواقع في أوكرانيا بعد احتجاز دبابتين من طراز “تي-90 إم” مزودتين بغطاء نادكا في مناطق خاركيف ودونيتسك.
وقيل إن الدبابة التي تم العثور عليها في منطقة خاركيف كانت مهجورة، بينما تعرضت الدبابة المتواجدة في دونيتسك لضربة من صاروخ “إف جي إم-148 جافلن”، وهو صاروخ يعتمد على التقنيات البصرية والتصوير الحراري مجتمعتين.