حياة

تحليل أسباب حدوث الزلزال في المغرب وتفسير تأثيره المدمر

أثار الزلزال الشديد الذي ضرب في وسط المغرب ليلاً يوم الجمعة الماضي تساؤلات حول أسباب حدوثه في منطقة لم تشهد زلازلًا قوية على مدى العقود الماضية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تم الإعلان عنها تباعاً إلى قوة هذا الزلزال في منطقة المغرب، والتي تبعد عن المناطق الزلزالية المعروفة.

وقال هاني لحسن، رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب، “إن إقليم الحوز في جنوب غرب مدينة مراكش يعتبر منطقة ذات نشاط زلزالي ضعيف، سواء من حيث الزلازل العددية أو الزلازل من حيث قوتها”.

وأوضح أنه عادةً ما لم تتجاوز الزلازل المسجلة في هذه المنطقة قيمة 5 درجات على مقياس ريختر، وبناءً على ذلك، فإنها لا تُعتبر تاريخيًا مرشحة لحدوث زلزال بهذا الحجم والقوة.

وأفاد لحسن بأن شدة أي زلزال هي العامل الرئيسي الذي يحدد قوته التدميرية. ولكن هناك عاملًا آخر يلعب دورًا مهمًا، وهو مسافة مركز الزلزال عن سطح الأرض.

وفي حالة زلزال منطقة الحوز، كان عمق الزلزال حوالي 8 كيلومترات، وهذا يعني أنه كان قريبًا من سطح الأرض.

وساهم هذا العمق القريب من السطح في زيادة قوته بالمقارنة مع الزلازل السابقة التي وقعت على عمق يصل إلى 30 كيلومترًا، على سبيل المثال.

ويشير الخبير المغربي إلى أن النشاط الزلزالي في المغرب نتج أساساً من تصادم الصفائح التكتونية الأفريقية والأوروآسيية.

وعلى الرغم من أن إقليم الحوز بعيد عن خط التصادم بين الصفيحتين، إلا أن الضغوط التي تفرضها هذه الصفائح على الطبقات الجيولوجية تنجم عنها زلازل.

وعلى الرغم من أن الزلازل العنيفة تحدث عادة عند خط التصادم نفسه، إلا أن هذا يشير إلى أن الطاقة التي نشأت نتيجة لتصادم الصفيحتين قد استمرت لمئات السنين.

ويقول أنيس شطناوي، المتخصص في هندسة الإنشاءات والزلازل بجامعة الأردن، “إن زلزال إقليم الحوز وقع على بعد مسافة تبلغ 550 كيلومتراً من حدود الصفائح التكتونية بين الصفيحة الأفريقية والأوروآسيوية”.

ونتيجة لذلك، فإن الزلازل نادرة في هذه المنطقة ولكنها متوقعة.

حركة الصفيحة الأفريقية تجاه الصفيحة الأوروآسيوية

أوضح الخبير الأردني أن هناك حركة مستمرة تحدث بين الصفيحة الأفريقية والصفيحة الأوروآسيوية، حيث تنزلق الصفيحة الأفريقية بمقدار 24 مليمترا نحو الصفيحة الأوروآسيوية.

وبناءً على ذلك، يتطلب الأمر بعض الوقت لاستقرار الصفائح التكتونية بعد حدوث الزلزال.

وسُجل منذ عام 1900 وحتى الآن، وقوع تسع زلازل في المغرب تجاوزت قوتها الست درجات، حيث أن الزلزال الذي وقع يوم الجمعة الماضي حدث في منطقة ترتفع ألفي متر فوق سطح البحر، وهذه المنطقة تتميز بوجود فوالق زلزالية متعاكسة وضاغطة وانزلاقية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن حدوث زلازل في هذه المنطقة بشكل منتظم يعتبر أمرًا نادرًا.

ويُعتبر من الحظ السعيد أن مركز الزلزال في المغرب لم يكن في منطقة سكنية ذات كثافة عالية.

ومع ذلك، يثير القلق حدوث انهيارات صخرية نتيجة للزلزال الذي وقع في منطقة جبلية، مما يسفر عن تلفيات في المباني والطرق.

يشير الخبير اللبناني في مجال الجيولوجيا والزلازل، خليل زين، إلى أنه من المعروف في عالم الجيولوجيا أن الطاقة التي تتراكم بين الطبقات الجيولوجية على مر العصور يمكن أن تنتج زلازل صغيرة أو كبيرة، حتى في مناطق غير معروفة بنشاط زلزالي سابق.

ويمكن أن يتسبب وقوع زلزال في المناطق الجبلية في المغرب، بأضرار أكبر نظرًا لأن هذه المناطق تحتوي على فوالق محلية وتشققات وتكسرات جيولوجية.

ويُعرف عمومًا أن تشييد أي مبنى في مناطق جبلية يتطلب تعزيزات إضافية نظرًا لهذه السمات الجيولوجية، بالمقارنة مع المناطق غير الجبلية.

لا يوجد احتمالية لحدوث تسونامي

زلزال في المغرب

وقال هاني لحسن، رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب، “إن من غير الممكن حدوث موجات تسونامي بعد زلزال الحوز”.

ووقعت هذه الكارثة الطبيعية على اليابسة وفي وسط جبال الأطلس، وليس في عمق المحيط الأطلسي.

وبناءً على ذلك، فإن أمواج التسونامي تنشأ بشكل ضروري فقط عندما يحدث الزلزال في عمق البحر.

أكد شطناوي بقوة على عدم وجود أي تأثير لارتفاع درجات الحرارة على حدوث الزلازل، وأن الزلازل هي نتيجة للأحداث التي تحدث داخل الطبقات الأرضية ومكوناتها، بما في ذلك القشرة الأرضية التي تمتد بعمق يتراوح بين 15 و70 كيلومترًا، ومن ثم طبقات الغلاف الصخري أو شبه الصخري، أو حتى الطبقات السائلة العميقة داخل الأرض.

وتحدث الزلازل على عمق متفاوت، وعندما تحدث على عمق يصل إلى 70 كيلومترًا، يمكن تصنيفها كزلازل ضحلة.

الأبنية المقاومة للزلازل

قال رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب: “إنه يوجد قانون للبناء مقاوم للزلازل يتم تنفيذه منذ سنوات بإشراف الحكومة، ولكنه يطبق حالياً فقط في المناطق الحضرية”.

ونتيجة لذلك، يعاني الأمر من عدم توفر هذا القانون في المناطق الريفية، وهذا هو السبب وراء تضرر معظم المباني خلال الزلازل في تلك المناطق الريفية.

وأشار المتحدث إلى أن هناك مشروع قانون قيد التحضير من قبل وزارة التخطيط العمراني، يهدف إلى تنظيم عمليات البناء في المناطق الريفية بحيث يتم الالتزام ببعض المعايير المتعلقة بالبناء المتين ضد الزلازل.

التوقع والاستعداد للزلزال في المغرب

يعتقد الخبير الأردني، أنيس شطناوي، بأنه يجب أن ننظر إلى إمكانية حدوث زلازل في منطقتنا العربية.

ويأتي هذا الاعتبار نظرًا لطبيعة نشاط المنطقة بشكل نسبي، ونتيجة لذلك، ينبغي علينا أن نكون مستعدين ومجهزين بناءً على التوقعات الجيولوجية المحتملة للمناطق الجغرافية في منطقتنا.

وهذا يتضمن اختيار نظم البناء الحديثة والمتينة لمقاومة تأثير الزلازل.

وأوضح أنه حتى إذا كان من الصعب تحديد الزمان بدقة لوقوع الزلازل، يجب على البشر أن يكونوا دائمًا مستعدين لها.

وتظهر بعض الصور التي تم تداولها بشأن زلزال المغرب الناس وهم يفرون في اللحظة الأولى للزلزال لتجنب الأجزاء المتساقطة من المباني.

ومع ذلك، يجب أن يتمثل الاستجابة المناسبة في الاحتماء تحت جنبات الأعمدة وتحت الطاولات في اللحظة الأولى، ثم التحرك إلى مناطق مفتوحة بعد توقف الهزة.

أكد خبير في مجال الجيولوجيا والزلازل أنيس شطناوي، على أهمية وضع خطط وتعزيز ثقافة الاستعداد للزلازل في المغرب والدول العربية بشكل عام.

ويجب أن يتم ذلك عبر مراحل متعددة، حيث يجب البدء أولاً بالتحضير قبل حدوث الزلزال من خلال وضع خطط محكمة وفحص المباني ودعم المنازل المعرضة للخطر.

ثم يجب التركيز على التصرف خلال فترة وقوع الزلزال، وأخيراً يجب أن نكون مستعدين للتعامل مع الأوضاع بعد الزلزال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى