جوجل يتواصل مع شركات الموسيقى لتطوير الأغاني باستخدام الذكاء الاصطناعي
خلق الذّكاء الاصطناعي طفرات وأثر على واقعنا بعدّة طرق، ولطالما ساعد التطور التكنولوجي الإبداع البشري عبر عقود وسنوات عدة بأدوار مختلفة، منها توفير وسائط وأدوات أكثر جودة وسهولة في الاستخدام، وأيضًا بإمكانيات حديثة، لكن مع التوسع في التكنولوجيا الرقمية، ثم الذكاء الاصطناعي، مثّل الأخير تهديدًا كبيرًا للمبدعين في مجال الغناء والموسيقى.
ونرى تطوّرًا مهمًّا يتجاوز كيفيّة استهلاكنا للموسيقى، حيث تركّز المبادرات المتعدّدة على عمليّة إنشاء الموسيقى، وستسلّط هذه المقالة التي أعدها “المهندس تك“، الضوء على أبرز اختراقات الذكاء الاصطناعي في هذا الشأن.
إلامَ تسعى جوجل؟
تواصل جوجل محادثاتها مع شركات الإنتاج الموسيقي الرئيسية، بما في ذلك يونيفرسال ميوزيك ووارنر ميوزيك، لتطوير أداة ذكاء اصطناعي تسمح للمستخدمين، بإنشاء أغاني مزيفة باستخدام أصوات وألحان الفنانين المشهورين.
وتهدف المفاوضات إلى إيجاد طريقة لكسب الفنانين، وحائزي حقوق النشر من الأغاني المزيفة المنتجة بواسطة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتي تروج لها المعجبين.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتصارع فيه شركات الإنتاج والفنانين والمعجبون على حد سواء على “موسيقى التزييف العميق”، والتي أصبحت مقنعة بشكل متزايد، حيث أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية أكثر قوة ويمكن الوصول إليها.
وقال مطلعون على الأمر، إن الهدف من محادثات جوجل وUniversal Music، التي تسيطر على حوالي ثلث سوق الموسيقى العالمي، هو تطوير أداة لإنشاء الأغاني “المزيفة” بشكل قانوني مع دفع تعويضات إلى مالكي حقوق النشر، بحيث سيتمكن المغنون من مشاركة حقوق أصواتهم عبر الأداة.
ولا تزال المحادثات في مرحلة مبكرة ولم يثبت أي إطلاق وشيك، كما يقال إن ثالث أكبر شركة موسيقية في العالم، Warner Music، تحدثت أيضاً مع جوجل بشأن أحد المنتجات.
دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الموسيقى
مما لاشك أن الذكاء الاصطناعي تطور لدرجة سمحت للإنسان بالاستفادة منه في شتى المجالات، ومن بينها مجال الموسيقى، حيث أصبح بإمكان الفنانين استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لكتابة كلمات الأغاني، وتأليف المقاطع الموسيقية بشكل مبسط، وعلى سبيل المثال يمكن لأي فنان يريد أن يحصل على كلمات أغنية جديدة أن يدخل العناوين الأساسية؛ لكي يحصل خلال ثواني على مبتغاه بسهولة من خلال برنامج ChatGPT.
وفي الآونة الأخيرة، انتشرت نسخة من أغنية Gangsta’s Paradise مولدة بصوت المغني الراحل فرانك سيناترا بالذكاء الاصطناعي، بينما أثار الملحن عمرو مصطفى ضجة عند نشره أغنية “جديدة” لأم كلثوم أنتجها بالذكاء الاصطناعي، كما اشتهرت أغنية كرتون “القناص” بصوت المغني الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم.K وفي السابق كانت أغانٍ مولدة بالذكاء الاصطناعي لمغنين مثل Drake و The Weeknd قد خدعت المعجبين حول العالم.
في هذا الإطار قالت مولي وايت، المشككة في التكنولوجيا ومحررة موقع Wikipedia الذي كان المتحدث الرئيسي في مؤتمر South by-Southwest لهذا العام، إنه من المرجح أن تستمر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير مستقبل الموسيقى، والتي بدأت أن تأخذ مكان الـNFTs، وأوضحت أنه يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي مؤلفي الموسيقى في تصوير الأفلام بسرعة وسهولة و توفير حلول غير مكلفة لإتقان المقطوعات الموسيقية.
رهاب الذكاء الاصطناعي
حالة الرهاب من التطور التكنولوجي وخاصة الذكاء الاصطناعي ليست جديدة، فبالعودة سنوات إلى الوراء نلمس أن الأمر نفسه تكرر مع ظهور أجهزة الحاسب الآلي، وأيضًا بعض الماكينات الصناعية، وهل تحل الآلة محل الإنسان، لكن الأمر حاليًا يتعلق أيضًا بالعواطف والمشاعر التي تعبر عن النفس البشرية، ولحظاتها المتعددة ما بين سعادة وحزن واشتياق وانتصار وهزيمة، هل كل ذلك ستعبر عنه آلة أو تطبيق إلكتروني؟
هذه الطروح والتساؤلات هزت صنّاع الإبداع، وفي محاولة لضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها بطرق تدعم الثقافة والفنون البشرية، أعلن تحالف واسع عن إطلاق حملة الفن البشري، تضم أكثر من 40 عضوًا، بما في ذلك النقابات الكبرى والجمعيات التجارية وخبراء يمثلون المبدعين وأصحاب الحقوق، لتمثّل الحملة صوتًا في النقاش المتزايد حول التقنية الجديدة وضمان أنها لن تحل محل الإبداع البشري أو تضعفه.
ووضعت المجموعة مبادئ تدعو إلى ممارسات أفضل للذكاء الاصطناعي، مع التأكيد على احترام الفنانين وعملهم وشخصياتهم، والالتزام بالقانون الحالي، بما في ذلك حقوق النشر والملكية الفكرية.
آراء الفنانين حول موسيقى الذكاء الاصطناعي
تتراوح آراء الفنانين حول هذه الموسيقى بين مؤيد ومعارض، حيث وصف مغني الراب Ice Cube مثل هذه الأغاني بأنها “شيطانية”، وقال مالك حقوق أغاني أم كلثوم عن أغنية عمرو مصطفى إنها “تجربة عبث وتشويه للتراث ولعب بالنار”.
بينما سمحت الفنانة “غرايمز” للناس باستخدام صوتها في الأغاني المولدة بالذكاء الاصطناعي، بشرط تقاسم العائدات معها، قائلة إنها “تدعم استنساخ الذات”.
ويرى نيل تينانت رئيس فريق Pet Shop Boys،أنه قد يمد يد العون للموسيقيين لحل أزمة التأليف، خصوصًا عندما يقف الإبداع عند مرحلة ما.
الموسيقي دان نافارو، مؤلف أغنية We Belong قال إن الذكاء يستطيع أن يساعد الإنسان في تأليف الأغاني، لكنه لا يستطيع الشعور. وأضاف أن القوالب التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي هي مبتذلة ومحرجة وأقل أهمية من تلك التي يؤلفها البشر.
هناك العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الّتي نستخدمها يوميًا دون أن ندرك ذلك، تحتوي منصات البثّ مثلا على خوارزميّات التّعلّم الآلي (مجموعة فرعيّة من الذّكاء الاصطناعي) “مضمّنة بصمت” في تجربة الاستماع لدينا، تُعدّ توصيات الفّنانين وقوائم التّشغيل أمثلة رائعة على كيفية استخدام المستهلكين للذكاء الاصطناعي على نطاق عالميٍّ لاكتشاف موسيقى جديدة.
قبل بضعة أشهر، كانت مجموعة Universal Music تعارض الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي بشدة، ففي شهر أبريل، طالبت المجموعة من Spotify وابل أن تمنع الوصول إلى الأغاني التابعة لها للمطورين الذين يستخدمونها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. ولكن يبدو الآن أن شركة الإنتاج الموسيقي تريد تغيير استراتيجيتها تجاه الأمر عبر إنتاج موسيقى الذكاء الاصطناعي والربح منها بشكل مباشر.
وفي وقت سابق من هذا العام، قالت يونيفرسال ميوزيك إن على الناس اختيار “أي جانب من التاريخ” يريدون أن يكونوا فيه ـ إلى جانب الفنانين والمعجبين أو “التزييف العميق والاحتيال وحرمان الفنانين من تعويضهم المستحق”.
اقرأ/ي المزيد:
-
OpenAI تتخلى عن أداة تمييز نصوص الذكاء الاصطناعي بعد الكشف عن انخفاض فعاليتها
-
لماذا يعد اكتساب تقنية ChatGPT قادرة على توفير فرص عمل في السوق التنافسي؟