تسريب ملايين من رسائل الجيش الأمريكي الإلكترونية الحساسة لأكثر من عقد
لأكثر من عشر سنوات، وبسبب خطأ إملائي متكرر في كتابة عناوين البريد الإلكتروني، تم تسريب ملايين من رسائل الجيش الأمريكي المعنية به، إلى جمهورية مالي في إفريقيا، والتي تعد أحد حلفاء روسيا، مما أدى إلى تسريب معلومات عسكرية لا تعد سرية، ولكنها معلومات حساسة، وتعد مقلقة بسبب علاقة مالي القوية مع روسيا، منها وثائق دبلوماسية وإقرارات ضريبية وكلمات مرور وتفاصيل عن رحلات سفر كبار الضباط في الجيش الأمريكي.
وتمثل الخطأ في تشابه بين اسم نطاق عناوين بريد الجيش الأمريكي (.mil) واسم نطاق جمهورية مالي (.ml). إذ اكتشف المشكلة رجل الأعمال الهولندي يوهانس زوربير، المُكلف بإدارة نطاق جمهورية مالي الإلكتروني، منذ عقد من الزمان. حاول زوربير إخبار المسؤولين الأمريكيين عن المشكلة مراراً وتكراراً، إلا أن تدفق الرسائل الإلكترونية المفروض أن تصل إلى عناوين بريد الجيش الأمريكي استمر بالوصول إلى مالي.
وبدأ زوربير بجمع الرسائل المُسربة بالخطأ منذ شهر يناير الماضي، في محاولة لإقناع الولايات المتحدة بجدية المشكلة، وجمع حتى الآن ما يقرب من 117 ألف رسالة، منها حوالي ألف رسالة وصلت إلى مالي في يوم 12 يوليو فقط.
سيزداد خطر هذه المشكلة (تسريب ملايين من رسائل الجيش الأمريكي) قريباً، إذ ستستعيد جمهورية مالي السيطرة على نطاق (.ml) من زوربير بتاريخ 24 يوليو عند نهاية صلاحية عقد عمله مع الحكومة المالية، أي ستصبح سلطات حليفة روسيا قادرة على جمع رسائل البريد الإلكتروني المرسلة إليها بالخطأ، والتي قد تحتوي على معلومات عسكرية مهمة.
وكان محتويات الرسائل المسربة، صور وبيانات طبية للعسكريين، ووثاق إثبات هوية، وقوائم بأفراد الطواقم العسكرية، وخرائط للمنشآت العسكرية، وعقود قانونية، وشكاوى جنائية عن العسكريين، وتحقيقات داخلية متعلقة بالتنمر، وخطط السفر الرسمية لأفراد الجيش الأمريكي، وسجلات ضريبية ومالية.
بدوره، قال مايك روجرز، أميرال أمريكي متقاعد كان يدير وكالة الأمن القومي والقيادة السيبرانية للجيش الأمريكي: “امتلاك هذا النوع من الوصول المستمر يمكنك من إنشاء معلومات استخبارية حتى من المعلومات غير السرية. وليس غريباً أن يرتكب الناس الأخطاء ولكن المهم هنا هي كمية المعلومات المسربة وحساسيتها ومدة استمرار تسريبها”.
وقال الملازم تيم جورمان، المتحدث باسم البنتاغون، إن وزارة الدفاع “على علم بهذه المسألة وتتعامل بجدية مع جميع عمليات الكشف غير المصرح لها عن معلومات الأمن القومي أو المعلومات غير السرية الخاضعة للرقابة”. كما قال إن الرسائل المرسلة مباشرة من نطاق (.mil) إلى عناوين البريد في مالي “يتم وقفها قبل مغادرتها النطاق ويتم إخطار المرسل بالتأكد من كتابة عناوين البريد الإلكتروني للمستلمين المقصودين بشكل صحيح”.
وأكد جورمان في حديثه لصحيفة فاينانشيال تايمز: “من غير الممكن تنفيذ ضوابط تقنية تمنع استخدام حسابات البريد الإلكتروني الشخصية للأعمال الحكومية، وتواصل وزارة الدفاع بتوفير التوجيه والتدريب لموظفي الوزارة”.
كانت بضع الرسائل المرسلة بالخطأ قادمة من وزارة الدفاع الأسترالية أيضاً، فكانت هذه الرسائل معنية للجيش الأمريكي، وعانت الرسائل المرسلة إلى الجيش الهولندي من مشكلة مشابهة، إذ يستخدم الجيش الهولندي نطاق (army.nl) القريب جداً من نطاق (army.ml). لذلك تم تسريب أكثر من عشرة رسائل إلكترونية من موظفي الدفاع الهولندي إلى مالي أيضاً.
وبحسب زوربييه، يستمر توجيه حركة مرور البريد الإلكتروني إلى نطاق “.ML”، الخاص بدولة مالي ويرجع ذلك ببساطة إلى أن الأفراد يخطئون في كتابة “.MIL” المرتبطة بعناوين البريد الإلكتروني الخاص بالجيش الأمريكي.
اقرأ/ي المزيد:
- الأمم المتحدة: لا تزرعوا شرائح تعمل بالذكاء الاصطناعي في أدمغتكم
- مشهد التهديدات الإلكترونية | استغلال الذكاء الاصطناعي وتقنية تشات جي بي تي”